06 - 07 - 2025

رشقة أفكار | لمصر.. لا للمسيحيين!

رشقة أفكار | لمصر.. لا للمسيحيين!

تخيلوا!!

صدقوا أو لا تصدقوا!!

رغم أنهار الكلام التي أريقت حول هذا الموضوع،  إلا أنها ما زالت أنهارًا مالحة. على غير المعتاد مما هو معروف وثابت عن عذوبة الأنهار وحلاوة مائها!

نهر التعصب الديني المالح - بل و الحارق أيضًا -  ما يزال يفيض عن آخره إلى حد الإغراق!

إغراق سهول التسامح والمحبة والتواصل الإنساني بين مكونات الأمة الواحدة.

التعصب الديني (أولًا) مسؤولية كل رجل يعمل بالدين.. سواء كان من القساوسة أو من الأزاهرة!

وليسا وحدهما.. بل هي - ثانيًا - مسؤولية كل العلماء: الاجتماع.. الفلسفة.. التاريخ.. القانون.. اللاهوت.. الفقه..

-التعصب الديني - ثالثًا ورابعًا وعاشرًا - مسؤولية المجتمع كله.. حتى  التعصب الرياضي يفتح الباب بأشكال مختلفه أمام التعصب الديني!

في الملفات الدينية الخطيرة الفشل يداهمنا منذ زمن بعيد.. ربما منذ بدايات القرن الماضي.. بكل ما فيها من محاكمات لرموز التنوير وتفكيرهم، وصولًا إلى لحظات فارقة، كاغتيال رئيس.. وكاتب سياسي.. ورمز أدبي.. أو بالأدق محاولة اغتيال الأديب العالمي نجيب محفوظ!

تحرق الكنائس، وتتم تعرية سيدة الكرم، وترتكب فظائع عديدة.. ثم نكذب على أنفسنا حين ندعي أننا بخير ووحدتنا الوطنية لا تمس.. ويعانق الهلال الصليب رمزًا.. ويتباوس الكهنة والقساوسة مع الأئمة والفقهاء واقعًا.. وتقام مأدبة الكلام الساكت الأجوف عن عمق العلاقات بين مكونات الأمة المصرية.. ونظل ندور في هذه الدائرة الجهنمية.. حتى نصل إلى لحظة الرعب التي صدمت أعيننا.. وخبطت رؤوسنا.. وقرعت قارعتنا.. هناك.. في تلك المدرسة التي كاد بعضهن وبعضهم يفتكون فيها بتلك المدرسة التي علم أنها "مسيحية".. فتلك جريمتها الأولى.. ثم  تناقلت التليفونات الساخنة بين الطلبة في لجنة الامتحان وبين أولياء أمورهم المعلومة الصادمة الثانية.. ذاعت الصدمة الكبرى.. فهذه المدرسة المسيحية المجرمة تصدت لمحاولة الغش في لجنه تراقب فيها.. ومنعتهم تمامًا من ارتكاب جريمة تنهش دائمًا عقل الوطن، وتطيح بعيدًا بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب!!

الليل وسواد الليل على عيونك.. كيف تجرؤين؟! من الذي دفعك لكي تلعبي دور الرقابة ومنع الغش عن أولادنا؟! ألا تعرفين أن لنا في الغش حياة أيتها الضالة المضلة!!

مدرسة مسيحية توصم في عقل بعض المسلمين والمسلمات قليلي التعقل والتفكير من أولياء أمور الطلاب، بأنها كافرة وضالة ومضلة، ولا يتذكرون أبدًا حديثًا شريفًا يقول: "من غشنا فليس منا"؟!

يا لهذا العقل الجبار الذي يعمل لدى بعضهم وبعضهن من المسلمين.. فيغش عند الضرورة.. ويسرق عند الحاجة.. ويقتل عند الرغبة.. ويدمر ويحرق عند الطلب من بعض المتصيدين أو الذين في قلوبهم مرض أو مصالح.. عقل جبار.. قمة في التناقض.. يدعو الآخرين إلى الله ولو بالقوة، لكنه أبدًا لا يدعو نفسه.. بل يتناسى ذلك.. إنه يتماهى بنفسه مع الدين والتعاليم فكيف يدعو نفسه؟!

لا أعرف كيف استقر في وعي أي انسان متدين أو لا ديني، أن الغش فريضة حياتية وليس جريمة شاملة بكل المقاييس؟!

هذا الترويع الشديد الذي رُوِّعته المدرسة المسيحية، والمطاردة المجرمة والمرعبة والمهينة التي قامت بها بعض أمهات الطلاب الممتحنين المتضررين من تصرف المدرسة.. وكذلك بعض أولياء الأمور.. يجب أن تعامل على أنها جريمة.. يُنزل فيها بمرتكبيها أشد أنواع العقاب!

أضم صوتي لصوت المفكر الوطني كمال زاخر، الذي أوضح أن هناك عده جرائم في هذه الجريمة الواحدة.. يقول: "عدة جرائم في واقعة الاعتداء على المُدرِّسة لمنعها الغش في لجنة الامتحان.. اقتحام حرم المدرسة، السب والقذف، الاعتداء البدني، الشروع في قتل، إهدار القيم المصرية، التطرف.. صح النوم يا بلد".

كان واجبًا تأمين المدرسة واللجنة، ومنع هذا المشهد المروع المسيء لكل القيم الإنسانية النبيلة. كان واجبًا أن تصدر بيانات تقدير باسم المدرسة، والتنديد بالذين يمثلون القيم الفاسدة. كان واجبًا دعمها من الأزاهرة ومن القساوسة على حد سواء.  وليتنا نكرمها في أعرق نقابات الرأي في مصر، الصحفيين والمحامين .

ليس هذا وحسب؛  نحن ندعي أننا نحارب الإرهاب والطائفية، وأود أن اسألكم مخلصًا ومجددًا.. فكم من مرة سبق وحدثت فيها نفس الأحداث المؤسفة وسألنا نفس الأسئلة.. عن المعالجات الحقيقية لهذه الظواهر المفجرة للوطن، ولسلامه الاجتماعي، وتقدمه الإنساني، والفكري، والعقلي، والتنويري، دون جدوى؟ ويبدو أننا سنظل ندور في نفس الدائرة، ولن نغلق هذه الملفات الساخنة إلى أن تغلق حياتنا بالضبة والمفتاح!

المعالجات الأمنية لهذه الأخطار لا تكفي، والذين يفترض بهم القيام بالعمل يقبعون في أماكنهم ويتقاضون رواتبهم وحوافزهم، ثم يذهبون إلى بيوتهم، وحينما تقع واقعة من نوع ما جرى للمدرسة.. نجد كلمة هنا وأخرى هناك.. وينتهي الموضوع؟

بالله عليكم قولوا لنا: لماذا تبقى هذه الملفات الساخنة مفتوحة؟ ولماذا لا تستشرفون نهاياتها المستقبلية.. أنها قد تغلق حياتنا بالفعل؟!

هذه سطور لمصر، كل مصر وليس للمسيحيين والمسلمين.. بل من أجل التقدم والاستنارة.
-----------------------------
بقلم: محمود الشربيني

مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | لمصر.. لا للمسيحيين!